مراحل ومحتوى العملية التدريبية
نجاح البرنامج التدريبي يتطلب أن يكون هناك تخطيط ودراسة سليمة لبرنامج المؤسسة التدريبي وفقا للإمكانيات المتوفرة لديها من أجل تحقيق الأهداف في الوقت المناسب، وتمر مراحل وخطوات البرنامج التدريبي كما يلي:
* جمع وتحليل المعلومات وتحديد الاحتياجات التدريبية.
* تصميم البرنامج التدريبي.
* تنفيذ البرنامج التدريبي.
* تقييم البرنامج التدريبي.
المطلب الأول: جمع وتحليل المعلومات وتحديد الاحتياجات التدريبية
أولا: جمع وتحليل المعلومات
في عصرنا الحالي تعتبر المعلومات بمثابة الأساس الذي تبنى عليه أي خطة فأول خطوة يقوم بها المسؤول عن التدريب لإعداد خطة سليمة تعنى بالاحتياجات المطلوبة وذلك على ضوء المطلب المتوقع في حدود الإمكانيات المتاحة والتي تتناسب مع ظروف المؤسسة هي جمع المعلومات وتحليلها.
ومن الطرق المستعملة في جمع وتحليل المعلومات هي تحليل البيئة الداخلية والخارجية، وهذا باعتبار التدريب نظام مفتوح يحصل على مدخلاته من المناخ الداخلي والخارجي في صورة معلومات تستخدم لتنشيط وتحريك سلسلة مهمة من العمليات التي تتوفر في العملية التدريبية وكذا تحليل البيئة الخارجية باعتبار التدريب نظام يطرح مخرجاته في البيئة التي تحيط به سواء الداخلية والخارجية. وفي تحليل البيئة الداخلية نجد أن المسؤول عن التدريب يهتم بدراسة أهم متغيراتها فيما يلي:
– التوسعات والتقلصات في حجم النشاط.
– التطوير في التجهيزات الآلية.
– إضافة منتجات جديدة.
– برامج الترقية أو النقل.
– إعادة تصميم طرق العمل.
– تغيرات الهيكل التنظيمي للمؤسسة.
– إحلال خط إنتاج جديد أو أكثر بخصائص مختلفة.
ومن خلال دراسة هذه المتغيرات عن طريق جمع المعلومات وتحليلها يمكن التعرف على الإمكانيات الذاتية المتاحة للمؤسسة، والتعرف على مجمل الظروف والأوضاع التنظيمية، الإنتاجية، التكنولوجية والمالية السائدة في المؤسسة، وكذا ما يتوفر من إمكانيات مادية وبشرية كما ونوعا، وكذلك التعرف على أهداف وسياسات الإدارة العليا التي توجه مجمل العمليات وفعاليات المؤسسة.
كما أن المسؤول عن التدريب يتعرف على درجة استغلال الطاقات المتوفرة ومن ثم تحديد الثغرات التي تعاني منها العمليات وبالتالي تعتبر مصدرا مهما في تحديد الاحتياجات التدريبية انطلاقا من أرض الواقع وتوجيه إدارة التدريب في اختيار التصميم المناسب لفعالية التدريب.
أما بالنسبة للبيئة الخارجية فتهتم بدراسة المتغيرات التالية:
البيئة الاقتصادية: تؤثر هذه البيئة على موازنة التدريب من خلال مستويات الأسعار ومعدلات التضخم على تكلفة التدريب وأهم عناصره:
– تكلفة مبنى التدريب والتجهيزات التدريبية والمدربين.
– حوافز المتدربين والمكافآت.
– تكاليف صيانة أجهزة التدريب.
– إعداد المتدربين المرشحين والموافقين لمتوسط تكلفة التدريب.
البيئة الفنية: وتدعى أيضا بالبيئة التكنولوجية، والتماشي مع متغيرات هذه البيئة يستدعي تغييرا في التجهيزات وأداء العاملين وهذا يكون عن طريق التدريب، وكل هذا من أجل مواجهة المنافسة المحلية والخارجية لهذا يجب استعمال طرق وأساليب جديدة للعمل تتطلب تدريبا مسبقا لتأهيل العاملين على الأداء الجيد للعمل.
البيئة التسويقية: وتدعى أيضا بالبيئة التنافسية، ومن أهم ظواهر المنافسة سعي المؤسسة إلى رفع الجودة في منتجاتها، وتخفيض التكاليف وهذا ما يتطلب عملا أكثر كفاءة وهذا لن يكون إلا بجهود مكثفة بالتدريب توافق الأهداف المسطرة، ويعتبر الإبداع والابتكار من أهم الطرق التي تساعد على رفع الجودة، وتخفيض التكاليف وهذا ما يولد الحاجة إلى التدريب الذي يهيئ ويصقل المهارات اللازمة لإثراء التفكير الابتكاري.
ثانيا: تحديد الاحتياجات التدريبية
بعد أن يتم جمع وتحليل المعلومات الخاصة لمختلف جوانب التدريب، تبدأ عملية تحديد الاحتياجات التدريبية التي تعتبر من العناصر الأساسية في تصميم البرنامج التدريبي، فلا يمكن أن تكون هناك برامج تدريبية ما لم تكون هناك حاجة للتدريب.
1 – تعريف الاحتياجات التدريبية: تعرف الاحتياجات التدريبية بأنها مجموع التغيرات كما ونوعا المطلوب إحداثها في معارف ومهارات واتجاهات وسلوك الأفراد العاملين لأجل بلوغ مستويات الأداء المطلوب وتحقيق بيئة العمل المناسبة والمرغوبة من قبل المؤسسة.
ويعرفها آخرون بأنها مجموعة التغيرات المطلوب إحداثها في معارف ومعلومات ومهارات واتجاهات الأفراد العاملين في المؤسسة لتعديل أو تطوير سلوكهم أو استحداث
السلوك المرغوب صدوره عنهم، والذي يمكن أن يحقق وصولهم إلى الكفاية الإنتاجية في أدائهم والقضاء على نواحي القصور والعجز في هذا الأداء وبالتالي زيادة فعاليتهم في العمل.
بعبارة أخرى يمكن تعريف الاحتياجات التدريبية ” أنواع التغيرات والإضافات المطلوب إدخالها على السلوك الوظيفي للفرد وأنماط أدائه ودرجة كفاءته عن طريق التدريب “.
وتتمثل هذه الاحتياجات بجانبين هما:
1 – جانب القوة: ويتمثل في خصائص مهارية ومعرفية أو قدرات يراد إكسابها للمتدرب.
2 – جانب قصور وضعف: ويتمثل في خصائص وصفات غير مرغوبة لدى الفرد يراد تغيرها واستبدالها بخصائص وصفات مرغوبة عن طريق التدريب.
وقد تكون الصفات والخصائص في الجانبين مرتبطة بالأداء أو السلوك أو العلاقات أو بنمط التفكير أو الشخصية لدى الفرد العامل.
2 – أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية: تكسب الاحتياجات التدريبية أهمية بالغة في تصميم البرامج التدريبية وتتجلى أهميتها من خلال التأكيد على المبادئ التالية:
* تحديد الاحتياجات التدريبية الفعلية ضروري لمعرف الأفراد الذين يحتاجون إلى التدريب، ونوع المهارات والمعارف التي يجب أن يزودوا بها، ومستوى الأداء المطلوب لمواجهة مشكلات العمل.
* تجمع المعلومات المتعلقة بالاحتياجات التدريبية وتحلل وفق منهجية علمية دقيقة
حيث تستخدم فيها طرق وأساليب متنوعة ومناسبة وفقا لأسس ومعايير موضوعية، تستند
إلى حقائق علمية ومن واقع مشكلات ومعوقات العمل والعاملين.
* عملية تحديد الاحتياجات التدريبية ما هي إلا وسيلة للكشف عن مشكلات ومعوقات العمل والنقائص التي يعاني منها العمال والتي يمكن حلها وتعويضها عن طريق التدريب، فالتدريب لا يخلق الإنسان الواعي الذكي بل يصقل ويزيد من مهاراته وقدراته ومعارفه فقط، فالتدريب لا يفعل أكثر من توفير فرصة للاستفادة والتعلم وكسب معارف جديدة وخبرات.
* الهدف من تحديد الاحتياجات التدريبية خفض النفقات والتكاليف من خلال تحقيق أهداف التطوير والتنمية بصورة شاملة، كما تساعد على رفع معدل كفاءة الأداء والحصول على مستوى أعلى من إنتاجية العمل التي يتم تحقيقها عن طريق التدريب.
3 – أساليب تحديد الاحتياجات التدريبية: من أجل تحديد الاحتياجات التدريبية بدقة فإنه يمكن استخدام الأساليب التالية:
* تحليل التنظيم: يقصد به دراسة الهياكل والبنى والأنماط التنظيمية والإدارية للتنظيم لتحديد المواقع التي يكون فيها التدريب ضروريا، أي تحديد القسم أو الإدارة التي تعاني الحاجة إلى التدريب.
* تحليل الفرد (شاغل الوظيفة): يقصد به قياس أداء الفرد في وظيفته الحالية وقدرته ومؤهلاته في المستقبل وتحديد المهارات والمعارف والاتجاهات والأفكار التي تلزمه لأداء وظيفته الحالية ولأداء وظائف أخرى مستقبلية، أي تحديد نوع المهارات والمعارف والاتجاهات التي يحتاج الفرد إلى زيادتها أو تحسينها.
* تحليل المنافسة: مع التقدم التكنولوجي المتسارع تزداد المنافسة ودرجة حدتها في مجالات الجودة والسعر، وخدمات ما قبل وما بعد البيع أو الأسواق المستهدفة.
4 – وسائل تحديد الاحتياجات التدريبية يتم الكشف عن الاحتياجات التدريبية بوسائل عديدة تبرز منها الوسائل التالية:
* نتائج عملية تخطيط الموارد البشرية في المؤسسة وما تسفر عنه من تقدير للاحتياجات من الموارد البشرية كما ونوعا والتي ستكون مطلوبة لمقابلة التوسع في أوجه نشاط المؤسسة في المستقبل أو لمتابعة عمليات الإحلال نتيجة دوران العمل.
* تحليل نتائج تقييم أداء العاملين والتي تحدد مستوى كفاءتهم في أدائهم لأعمالهم وأيضا تحدد جانب النقص في كفاءتهم سواء ارتبط ذلك بنقص في القدرات المتطلبة لأداء العمل أو سلوكيات غير مرغوبة.
* نتائج تحليل وتوصيف الوظائف أي معرفة مهام كل وظيفة ومتطلبات شاغلها ومقارنتها مع الإمكانيات والمؤهلات المتوفرة حاليا لدى كل موظف لمعرفة مدى ونوع حاجته إلى التدريب.
* تسارع المتغيرات البيئية والتقدم التكنولوجي المستمر تظهر وظائف جديدة وآلات فنية حديثة وأساليب عمل جديدة ومتقدمة مما يتطلب تدريب العاملين لمواكبة هذه التغيرات.
* طلبات العاملين أنفسهم التي تعبر عن حاجاتهم إلى التدريب لشعورهم بالنقص والضعف من أجل زيادة مقدرتهم.
* إجراء اختبارات العاملين لمعرفة مستوى أدائهم، وما إذا كان البعض منهم بحاجة لتدريب ما.
* الملاحظة غير الرسمية وذلك بمراقبة العمال بطريقة غير مباشرة لتقصي جوانب الضعف والقوة في أداء الفرد منهم، ومن أهم عيوب هذه الطريقة أنها لا تهتم بالحصول على المعلومات الدقيقة وأن العاملين يسيئون تخمين دوافعها على الدوام.
* النقاش مع المشرفين الذين يعرفون مواطن الضعف في أداء مرؤوسيهم ومتى وأين يمكنهم تدريبهم، ولكن من عيوب هذه الطريقة تحيز بعض المشرفين إلى بعض الموظفين مما يدفع هؤلاء المشرفين لترشيح بعض الموظفين لأكثر من دورة تدريبية على حساب الآخرين.
* وضع أسئلة استقصاء يطلب من الموظفين الإجابة عنها وتحديد المشكلات التي يواجهونها، وأسبابها واقتراحات لحلها، رغم أن تكلفتها قليلة ولا تحتاج إلى وقت طويل للحصول على المعلومات إلا أنه قد يساء فهم بعض الأسئلة فتكون الإجابات التي يبنى القرار عليها خاطئة.
* تسلم شكاوى من النقابات والإتحادات العمالية، وهذه عادة ما تقدم للإدارة نتيجة لكثرة حوادث العمل أو شعور الموظفين الذين ينتسبون لهذه النقابات بأن إدارة المؤسسة لا تعطيهم الفرصة لتطوير أنفسهم ولتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، ومن عيوب ذلك أن رضوخ الإدارة المستمر لطلبات النقابات يجعلها أسيرة لها في معظم قراراتها التدريبية